قانون المجتمع المدنى الجديد

خميس, 11/02/2021 - 13:45

اعتمدت الجمعية الوطنية مؤخرا مشروع قانون جديد ينظم و يأطر عمل هيئات المجتمع المدني بمختلف أنواعها في موريتانيا، سعيا لخلق هيئات مجتمعية فاعلة تنطلق من رؤية شمولية لتحقيق هدف مجتمعي بعيدا عن الاستخدام الشخصي لتحقيق غايات فردية لا تتماشى مع الأهداف والغايات التي من أجلها وجدت هذه المنظمات التي يجب أن تكون خدمية وذات نفع عام.

 

و من أبرز المبادئ التي يقوم عليها قانون المجتمع المدني الجديد أنه يعتمد مبدأ التصريح بدل نظام الترخيص، مما يسهل الولوج إلى العمل الجمعوي الذي حدد له القانون مجموعة من الشروط والضوابط يعتبر توفرها دليلا على مهنية المنظمة وعلى قدرتها على المساهمة حسب قدرتها ومجال تخصصها على تقديم خدمة مجتمعية.

 

و قدمت مواد مشروع القانون التي تبلغ 72 مادة تعريفا لمختلف هيئات المجتمع المدني وطرق وآليات تأسيسها والتزاماتها، و مواصفاتها والشروط التي يجب أن تتوفر فيها، والحالات التي يتم فيها تعليقها أو حلها...

 

فهل يمكن أن يشكل هذا القانون منطلقا جديدا في اتجاه تصحيح المفاهيم المتعلقة بالدور الذي يجب أن تلعبه منظمات المجتمع المدني وهيئاته بمختلف مجالاتها انطلاقا من وضع أسس ومنهجيات واضحة المعالم تحدد أهداف وغايات المجتمع المدني و المعايير التي يجب أن تتوفر في كل من يريد أن يعمل ضمن إطاره؟.

 

وللإجابة على هذا السؤال وغيره من الإشكاليات المتعلقة بواقع المجتمع المدني في بلادنا أجرى مندوب الوكالة الموريتانية للأنباء مقابلات مع مجموعة من المتدخلين في العمل الجمعوي، لاستيضاح آرائهم حول تقييمهم للقانون الجديد ومدى قدرته على المساهمة في تعزيز وتفعيل أداء المنظمات المهنية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، سعيا لخلق مجتمع مدني فاعل قادر على المساهمة في التنمية المجتمعية بمفهومها الشامل.

 

وفي هذا السياق أوضح رئيس منتدى الفاعلين غير الحكوميين، السيد محمدو ولد سيدي، أن المجتمع المدني مجتمع كبير ومتشعب، حيث يضم حوالي 14 ألف منظمة تمارس عملها في مختلف التخصصات وتتدخل في مختلف الأنشطة، مشيرا إلى أن هذا الفضاء الشاسع يحتاج آليات محكمة لتنظيمه وتوجيهه وتأطيره.

 

وأشار إلى أن مقتضيات مشروع قانون المجتمع المدني الجديد تعتبر حصيلة لآراء و توصيات ممثلي منظمات المجتمع المدني، حيث شاركت 83 منظمة غير حكومية في الورشة التي تم فيها وضع الهيكلة الأساسية للقانون و التي ترى هذه المنظمات أنها تتناسب مع الوضعية الحالية ومع متطلبات تنظيم هذا الفضاء الكبير.

 

وقال إنه مشروع قانون جيد وحاز على رضى المجتمع المدني بصفة عامة، حيث بالكاد تجد منظمة سجلت ملاحظات عليه بعد اعتماده، مشيرا إلى أنه وضع آلية كفيلة بتطوير وتعزيز أداء ومهنية منظمات المجتمع المدني من خلال رسم خطة لتقييم أدائها وقياس مدى فاعليتها.

 

ونبه إلى أنه سهل الولوج إلى العمل الجمعوي من خلال اعتماده لنظام التصريح الذي له قوانين وله مساطر تنظمه، مشيرا إلى أن منظمات المجتمع المدني ومن خلال الترتيبات التي ينص عليها القانون الجديد لا بد من أن تكون منظمات فعلية تعمل على أرض الواقع و تقدم تقارير دورية عن نشاطاتها وتمويلاتها لمفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، حتى يتم تقييم أدائها على أساس هذه التقارير بكل شفافية ومهنية.

 

و تمنى أن يكون هذا القانون خطوة مهمة لتطوير هذا القطاع وتنظيمه وتعزيز مساهمته الضرورية و الهامة في مختلف المجالات التنموية، مشيرا إلى أن المجتمع المدني الذي يعتبر من أكبر القطاعات ومن أكثرها تعقيدا و أهمية بالنسبة للحياة اليومية للمواطن يحتاج التمويل والدعم والعناية.

 

ونبه إلى الدور الكبير الذي يلعبه المجتمع المدني ليس فقط على المستوى الوطني بل على المستوى الدولي كذلك من خلال تقاريره وآرائه وعن طريق علاقاته الخارجية، منبها إلى أن المجتمع المدني في موريتانيا لعب دورا كبيرا من خلال تنظيمه للملتقيات والورشات ومن خلال علاقاته مع نظرائه في دول العالم إضافة إلى دوره التنموي متعدد المجالات.

 

و أشار إلى الدور الكبير الذي يقوم به المجتمع المدني في دحض وكشف زيف بعض التقارير المغلوطة التي يحاول البعض من خلالها تشويه صورة البلد، مشيرا إلى أن موريتانيا اليوم لا يوجد لديها أي ملف لا على مستوى مجلس حقوق الإنسان ولا على مستوى الأمم المتحدة، وذلك بفضل الجهود التي تقوم بها الحكومة وبمؤازرة من المجتمع المدني.

 

وبدورها أوضحت زينب عبدول صمبا كوركا، رئيسة منظمة صلة الرحم، أن تغيير القانون المنظم للمجتمع المدني الذي يعود لسنة 1960م، كان مطلبا ملحا لدى كافة المتدخلين في المجال الجمعوي في بلادنا نظرا لأن هذا القانون أصبح لا يتلاءم مع متطلبات المرحلة و لا يساير ما يمليه تطور الجمعيات التي أصبحت تكتسي أهمية بالغة تجاوزت المساهمة في العملية التنموية بمختلف مجالاتها إلى المشاركة في تعزيز دعائم الديمقراطية