
كما تعلمون فإن التربية لها دور أساسي في تقوية المجمتع و الأطفال اليوم ، هم أجيال المستقبل لذلك تجب تربيتهم على الطريقة المثلى والجيدة من بداية النشأة مرورا بالمراحل التربوية الأخرى من تربية وصحة وتعليم وتأطير وصولا لمرحلة الشباب التي يدخلون فيها مسارا جديدا على حياتهم يحتاج لتأطير هو الأخر .
ويسرنا في صحيفة النصر أن نحاور هذا الأسبوع الباحث الموريتاني المعروف الدكتور محمد فاضل الحسن حول الطرق الأنجع لتربية الاطفال وهو موضوع قل ما يتناوله الأكاديميون على المنابر الثقافية المحلية ولا حتى في الندوات والمحاضرات .
أهلا بكم سعادة الدكتور على منبر النصر الأسبوعية ورمضان مبارك وكل عام وانتم بخير
الدكتور : أهلا وسهلا ، مبارك رمضان علينا وعليكم، أشكركم جزيل الشكر على الإستضافة وعلى الاهتمام بهذا الموضوع الذي يفرض نفسه كأولوية في واقعنا الراهن.
النصر : اعطينا نبذة عن التربية ودورها ؟
الدكتور : التربية هي تنشئة الفرد تنشئة صحيحة، وقد تعددت تعريفاتها تبعا لتغير الأزمنة والثقافات وتطور المفاهيم وتجدد الفلسفات والنظريات ، لكن أغلب التعريفات ظلت متقاربة، وتتفق على أن " محور التربية هو الإنسان وأن هدف التربية هو إحداث تغيير إيجابي في جوانب شخصية الفرد، وتؤكد التعريفات الحديثة على أنها عملية شاملة تهتم بجميع جوانب الشخصية "الجسمية، والعقلية والنفسية و والخلقية والعاطفية"وعرفها الغزالي بأنها "صناعة التعليم بهدف غرس الفضيلة والتقرب إلى الله"وعرفها هربرت سبنسر بأنها" كل ما نقوم به من أجل أنفسنا ويقوم به الآخرون من أجلنا بغية التقرب من كمال طبيعتنا".
النصر : ماذا عن التربية النفسية؟ وهل هناك تربية نفسية للأطفال والمراهقين والكبار ؟
إالدكتور : اذا توفرت هذه الحاجات سينعكس ذلك على شخصية الطفل وثقته بنفسه وحضوره الذاتي ونظرته الإيجابية اتجاه نفسه وذويه، وتفاعله مع المجتمع.وفي مرحلة المراهقة يتأكد تعزيز الحاجات السابقة بالإضافة إلى " احترام الرأي ، والاهتمام بالشخصية، و الإصغاء النشط والمرونة في التعامل واستخدام التوجيه الإيحائي أكثر من الكلام.والنفس البشرية عموما تحتاج إلى التربية النفسية المستمرة، والتذكرة والنصح الصادق والدعم الهادف، حتى لا يعتريها الكسل والعجز والبخل والقلق والإحباط والسلبية والخوف من المجهول وغير ذلك من حالات الإنهزام، ويتأكد الدعم النفسي كلما كانت الحالة حادة أو مزمنة، والجدير بالذكر أن هذه الحالات النفسية قد تتطور حتى تكون مرضا يستدعي مقابلة الطبيب إذا لم تجد الدعم في الوقت المناسب.
النصر : ماهو مرض التوحد ؟ وما أسبابه ؟ وهل هناك علاج له ؟
الدكتور : طرح هذا السؤال على المهتمين بالدعم النفسي "إجيف" لأن القول الفصل فيه للأخصائيين في الأمراض العصبية، وما دمت طرحته فسأجيب انطلاقا من خلفية باهتة:مرض التوحد يعبر به عن اضطرابات عصبية تؤثر على النمو، فينتج عنها قصور أو ضعف في القدرات الذهنية والعقلية والبدنية وعدم التفاعل الإيجاب وضعف التواصل مع الآخرين وضعف الاهتمام والميل إلى العزلة والحركات غير المضبوطة، والحساسية المفرطة من بعض المواقف والروائح والأصوات والميل إلى الروتين.
ولم يعرف بعد سبب قطعي وحيد لمرض التوحد ، ويعتقد المختصون أن من أسبابه " الوراثي اضطرابات الدماغ والجهاز العصبي، المشاكل الصحية أثناء الحمل والولادة، التأثيرات البيئية ... وغير ذلك من احتمالات كثيرة.أما علاجه ف"ما خلق الله داء إلا أنزل له شفاء" عرفه من عرفه وجهله من جهله كما في الحديث، ومرض التوحد لم يعرف له بعد دواء عام ناجح ناجع، وإنما يتم العلاج حتى الآن بناء على التشخيص الفردي وباختلاف الحالات يختلف العلاج من علاج سلوكي إلى علاج تربوي تعليمي إلى دواء عقاري، ولذلك يلجأ كثير من الأهالي إلي الطب البديل.
النصر : هل تلاحظون عدم الاهتمام بالتربية النفسية لدى مجتمعنا ؟الدكتور : نعم ، لا شك أن التربية النفسية كعلم لا تجد ما تستحق من العناية والاهتمام، لكن الآباء والأمهات يمارسونها -لله الحمد - بالفطرة وانطلاقا من تعاليم الإسلام من حيث لا يدرون، لكن الأوضاع الراهنة تستدعي اهتماما زائدا بالأطفال وخاصة من النواحي النفسية لأنها هي الأساس الذي تبنى عليه الشخصية وتتكون وتتشكل.
النصر : هل هناك دورات تدريبية لا بد منها عن التربية ومفهومها لدى المجتمع ؟
الدكتور : التربية كغيرها من العلوم شهدت تطورا هائلا في النظريات و الأساليب والطرق والوسائل وتطورت أساليب الحصول على المعرفة، فانتجت الوسائل التعليمية الحديثة والتفاعل بين العلوم أساليب ذات كفاءة عالية: سريعة وهادفة و فعالة تقدم بمهارات خاصة، في قوالب تدريبية مفيدة وهي فعلا خارقة للعادات التعليمية والطرق البيداغوجية القديمة.والدورات في مجال
التربية النفسية كثيرة: في الصحة النفسية ، الحاجات النفسية، أسس التربية النفسية السلينة، بناء شخصية الطفل، علو الهمة ، التغلب على الضغوطات النفسية...الخ
النصر : هل للأمراض النفسية علاقة بالتربية ؟
الدكتور : من أهداف التربية الصحيحة السليمة الوقاية من الأمراض النفسية ثم علاجها وتخفيفها والتكيف معها، بمعنى أن اهتمام المربين بالجوانب وأصبح القائمون عليها في تحد خطير متعدد الأبعاد ومتجدد الزوايا.
النصر : هل من كلمة توجهونها للمواطن عموما و الصائمين بشكل خاص ؟. الدكتور : أذكر الآباء والأمهات بعظم مسؤولية التربية التي جعلها الله على عواتقهم وخاصة في أيامنا هذه، و المغرور هو من ظن أن المدرسة هي المسؤولة عن صياغة الفرد الصالح الناجحفذلك وهم وتلبيس من الشيطان ، فدور الأب في الصحبة واللعب والاهتمام والرعاية والحب والتقبل لا يعوضه أحد.
وأذكر الصائمين أن رمضان دورة سنوية نتزود منها بالطاقة الإيمانية والنفسية لبقية السنة ومن جد وجد ومن زرع حصد، وسالت أودية بقدرتها.
النصر : شكرا الدكتور محمد فاضل ولد الحسن على ردودكم الشافية المفيدة ، لا شك أننا لم نحس بالطول لما رأيناه من الردود الجميلة والممتعة والبسيطة ومتناول فهمها عند الجميع ، فلك منا ألف الشكر والتقدير ، ورمضان كريم.