الاحتيال أصبح سمة غالبة في مجتمعنا و أصبحت الناس تتوجس خيفة من أي شخص تتعامل معه. فالبعض يحتال عن طريق العواطف و البعض يحتال عن طريق أعمال الخير و البعض يحتال عن طريق العمل و البعض يحتال عن طريق البيع.
قبل أسبوعين اتصل بي رجل يسأل عن قطعة أرض يملكها أحد أفراد الأسرة و يبحث لها عن البيع و قدم الرجل نفسه على أنه من عائلة عريقة من عوائل المجتمع الموريتاني و أنه يريد القطعة لشركة أجنبية يعمل فيها و سألني عنها و عن سعرها فأجبته و طلب أن يراها و يرى أوراقها فأخذته لمكانها و زعم أنه أخذ رؤساءه في العمل إليها و حل المساء و رجع وقال إنه يريد إتمام البيعة فبحثت عن أوراق الأرض و أخذ ذلك مني وقتا طويلا و مجهودا مضنيا ، وبعد أن وجدت الأوراق سألني عن طريقة الدفع و لأنني توجست منه من أول وهلة طلبت الدفع نقدا مع أن المبلغ كبير جدا فاتصل بمن ادعى أنهم صرافة يعملون لحسابه وطلب منهم جلب المبلغ كاملا وقال لي سنترك عندك المبلغ و نأخذ الأوراق حتى الصباح لنكمل البيعة و قبلت. أمضينا قرابة الساعة و نحن في الانتظار و الاتصالات لا تنقطع عن هاتفه يتكلم مرة بالحسانية و مرة يتحدث بلغة أجنبية لم أستطع فك شفرتها و هي ليست من لغات الأرض التي سمعت عنها من قبل. فقلت في نفسي إنه من جهلي طبعا ، و بقينا هكذا إلى أن ورده اتصال أن سيدة مسنة من أسرته الشهيرة توفيت في المستشفى العسكري و ترحمنا عليها سوية و تأثر كثيرا و بدا كمن يتمتم بأدعية طويلة على روحها الطيبة الطاهرة. ثم اتصل وأمر أن يعطوا مالا لتجهيز الجنازة قبل أن يلتحق بهم للصلاة و دفن الجثمان الطاهر. و بعد مدة ليست بالقصيرة اتصل مجددا ليعرف أين وصل أهل الصرافة وقال إنهم قريبون من البيت و اتصل ليعرف هل أوصل معاونوه المال لأقاربه و سألني هل لدي بنكيلي فقلت له إنه ليس لدي و لكنه عند أختي و طلب مني رقمه و اتصل مجددا يطلب أن ترسل عليه مائة و خمسون ألفا لأعطيها له نقدا ليرسلها مع سائقه لتجهيز الجنازة و سألني هل أستطيع أن أعطيه المبلغ فأجبت بنعم و فهمت حالا أن المقصود من البيعة هو هذا المبلغ المتواضع. بدأت أنا من تلك اللحظة أعد عدتي للانتقام منه و اللعب بأعصابه فقلت له سأجلب لك المبلغ حالا بعد أن أنتهي من شرب الشاي. و بعد أن أكملت شرب الشاي سألني مرة أخرى أن أجهز له المال ليبعثه مع سائقه بعد أن وردته اتصالات أخرى تستعجله فقلت له بكل برود انتظر أن تتصل أختي لتبلغني أن المبلغ ظهر على هاتفها. فقال بغباء يبدو أن ببنكيلي عطل الآن لكنه سيظهر بعد قليل فقلت ننتظر إذا إصلاح بنكيلي فأنا لست في عجلة من أمري. عندها وقف وهم بالمغادرة و قال إنه سعود بعد الصلاة على المرحومة فطلبت منه أن يمر على الصرافة و يأخذ من الملايين التي تخصني هناك مبلغ مائة و خمسين ألفا فهو هدية مني. أرجعت الأوراق لمحفظتي و أدركت أنه محتال صغير و سجلت رقمه في هاتفي باسم المحتال.
أوردت هذه القصة ليعتبر منها الجميع.
تدوينة من صفحة الاعلامية منى بنت الدي