ـ قال رئيس البرلمان الشيخ ولد بايه إن معظم فصول تاريخ البلاد «سُطِّرت في غياب تام لدولة مركزية جامعة»، مشيرا إلى أن هذا التاريخ «أفرز تراتبية اجتماعية جامدة مؤسسةً تارة على قانون القوة بدل قوة القانون، ومتدثرةً تارة أخرى بلَبُوسٍ ديني مشوَّهٍ».
وشدد ولد بايه في خطابه بمناسبة اختتام الدورة البرلمانية اليوم الاثنين، على أنه قد «آن الأوان أن يتداعى قادة الرأي جميعا من فقهاءَ وساسةٍ ومثقفين لتعرية المنطق السقيم الذي يغذي العقليات البائدة القائمة على تلك التراتبية».
وتساءل رئيس البرلمان: «هل يعقل مثلا، ونحن في القرن الحادي والعشرين، وبعد ما يزيد على ستين سنة من ميلاد الجمهورية، أن يلعب موظف عمومي أو أي منتسب للنخبة دور الزعيم القبلي بشكل علني وبدون خجل؟ وأي منطق شرعي يبرِّر محاولة البعض حصر حق الإمامة في عائلات معينة، ونحن في دولة ينص دستورها على أن أحكام الدين الإسلامي هي المصدر الوحيد للقانون؟».
كما اعتبر أنه «بات واضحا أن المسؤولية الأخلاقية لانتشار وترسيخ مثل تلك العقليات تقع بالدرجة الأولى على النخب الدينية والسياسية والثقافية التي تستخدمها مَطِية لنيل الامتيازات وسُلَّما للوصول للمآرب الشخصية والمصالح الضيقة. فالتاريخ يشهد بأن النخب الدينية من العرب والبولار والسوننكى والوولف في كل غرب إفريقيا مارست الاسترقاق أكثر من غيرها وعلى المسلمين أكثر من غيرهم، وأنها تغاضت عنه وشرعته لمن مارسه بقوة السلاح».
وقال رئيس البرلمان: «إننا لا نريد اليوم محاكمة التاريخ بقدر ما نتطلع إلى أن تحمل النخب الدينية الحالية من مكونات مجتمعنا الأربع، مشعلَ تنقية الدين الحنيف مما يضر به وبلحمة المجتمع. فإذا كان شرف مكافحة الاستعباد قد فات على نخبنا حتى جرمته القوانين الدولية، فعليها أن لا تضيّع فرصة محاربة الاعتقادات والمسلكيات المبنية على الباطل، بل يجب أن تمثل رأس الحربة في هذا المجهود النبيل».
كما لفت إلى أن «التخليَ عن العادات الرجعية القائمة على التصنيفات الاجتماعية غير المبررة، يمثل – بدون شك – إحدى أهم ضمانات وحدة المجتمع وسدا لذريعةٍ تُستغَل لِتَبَنِّي خطاب الكراهية والدعوات الفئوية اللذين وجدا بيئة مناسبة للنمو في ظل منح الحريات وشيوع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وأغتنم هذه الفرصة لحث الجهاز التنفيذي للتصدي لهما بكل قوة وحزم عبر تطبيق القوانين ذات الصلة».
وأضاف: «لقد أثبتت تجارب الأمم كافة أن المواطن المستعد للتضحية من أجل وطنه هو المواطن المقتنع بأن التفاوت في جني ثمار المواطنة، مَبْنيٌ حصرا على معايير العطاء وصدق الانتماء، وليس على أساس موروث مثل الانتساب لقبيلة أو شريحة أو عرق أو منطقة».
وأكد ولد بايه على «أهمية الآراء التي عبر عنها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد الشيخ الغزواني في مدينة وادان والتي دعا من خلالها المواطنين إلى تجاوز رواسب كافة أشكال الظلم في موروثنا الثقافي وإلى تطهير الخطاب والمسلكيات من تلك الأحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة».
الأخبار