إننا في وكالة أنباء المستقلة نهنئ الشاب الخلوق الدكتور : سعدن ولد أحمدو ولد حمين على حصوله على الدكتورا ه ، فألف مبروك والف مبروك والصحة التامة
وقد كتب الدكتور سعدن على صفحته اليوم ما يلي :
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
نوقش اليوم بكلية الآداب والعلوم الإنسانية - سايس، في فاس، بحث قدمه الفقير إلى ربه بعنوان: "الفكر الأشعري في موريتانيا نشأته وتطوره، أعلامه وقضاياه".
حاولت من خلاله الكشف عن جوانب مهمة من الحياة الفكرية في مورتيانيا لم يعط حقه من البحث بعد، وهو الجانب العقدي.
انتشر المذهب الأشعري بموريتانيا، بعد أن خبت رواسب مذاهب المعتزلة والشيعة والخوارج فاسحة المجال أمامه بلا منازع.
كانت السبيل إلى الحديث عن المذهب الأشعري في موريتانيا من حيث النشأة والتطور تمر بمنعرجات تقتضي حذرا شديدا، فالأرض لم تُدْهَكْ من قبل بما يكفي، وإن أونِسَ طريقٌ ما وُجد مليئا بالحفر، وبعيدَ عهد بالترميم.
حاولت من خلال هذا البحث أن أكشف عن أمور مهمة غفلها بعض الباحثين، وتجاهلها آخرون، فمنها:
1 ـ تبيين أن طريقة الأشاعرة والماتريدية الاستدلالية، ما هي إلا امتداد لطريقة متكلمي أهل السنة قبلهما، كالإمام أبي حنيفة، والإمام ابن كلاب، والإمام المحاسبي وأمثالهم.
2 ـ المذهب الأشعري دخل الغرب الإسلامي في فترة مبكرة جدا، ولا يستبعد أن يكون ذلك في حياة الشيخ أبي الحسن، وهو في الغرب الإسلامي امتداد لمدرسة متكلمي أهل السنة بالقيروان، التي كان يقودها ابن سحنون، وابن الحداد.
3 ـ أن دولة المرابطين كانت على معتقد الأشاعرة بحكم طبيعة نشأتها أولا، ثم بحكم معتقد العلماء المرجوع إليهم وقتها ثانيا.
فكل العلماء الذين ترجمت لهم وأوردت نماذج من معتقدهم كانوا أشاعرة، من أمثال الإمام الداني، والإمام ابن رشد الجد، والإمام الحضرمي وتلامذته من أهل المغرب الأقصى والأندلس، فضلا عن ابن العربي، والقاضي عياض، وغيرهم، وقبل هؤلاء الإمام أبو عمران الفاسي المنظر الفعلي لقيام دولة المرابطين.
4 ـ المذهب الأشعري دخل موريتانيا على يد المرابطين، وخصوصا على يد الإمام أبي بكر الحضرمي قاضي دولة المرابطين الجنوبية.
5 ـ عقيدة لمجيدري ولد حبلل هي نفسها عقيدة المختار بن بونه رحمهما الله تعالى.
فكلاهما أشعري، لكن الأول مال إلى التفويض الأشعري، والثاني مال إلى التفويض والتأويل معا.
وما ذهب إليه بعض الباحثين من أن لمجيدري كان على عقيدة "السلفية" بمعناها الحديث أو "الوهابية" على الأصح، ترده رسائله هو نفسه لمن قرأها.
وسبب اعتبار لمجيدري من المدرسة "السلفية" راجع إلى الخلط بين منهجين تفويضيين بينهما ما بين السماء والأرض:
الأول: مذهب تفويض الكيف عند ابن تيمية ومدرسته، وحاصله أن هناك كيفيات لتلك الإطلاقات لا نعلمها ونكل معرفتها إلى الله، وأصحاب هذا المذهب لا يقبلون بصرف تلك الإطلاقات عن ظواهرها، لأنهم إن قبلوا صرفها عن ظاهرها لا يبقى معنى لقولهم بالكيفيات.
الثاني: تفويض المعنى: وهذا هو المنهج الثاني عند الأشاعرة مع منهج التأويل، وحاصله أن تلك الإطلاقات مصروفة عن ظواهرها قطعا ولا كيفية لها، ثم إن معرفة المراد منها موكل إلى الله تعالى.
وإلى منهجي الأشاعرة هذين أشار المقري بقوله:
والنص إن أوهم غير اللائق +++ بالله كالتشبيه للخلائق
فاصرفه عن ظاهره إجماعا +++ واقطع عن الممتنع الأطماعا
وما له من ذاك تأويل فقط +++ تعين الحمل عليه وانضبط
كمثل "وهو معكم" فأول +++ بالعلم والرعي ولا تطول
إذ لا تصح هاهنا المصاحبه +++ بالذات فاعرف أوجه المناسبه
وما له محاملُ الرأيُ اختَلَف +++ فيه وبالتفويض قد قال السلف
من بعد تنزيه وهذا أسلم +++ والله بالمراد منه أعلم
وعناهما اللقاني بقوله:
وكل نص أوهم التشبيها +++ أوله أو فوض ورم تنزيها
وعلى منهج تفويض المعنى هذا سار لمجيدري، يدرك ذلك من قرأ رسائله ورجع إليها ملاحظا الفرق بين التفويضين.
ثم إني لا أدعي الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه، ولا إيفاءه حقه من البحث والدراسة، ولا أبيع هذا البحث بشرط البراءة والسلامة من الخلل، فهو عمل بشري في النهاية، وبعد كونه عملا بشريا، جهد مقل غير مؤهل، حملني على خوض غماره، عدم تصدر الأقدر مني على بحثه.
إن المواشي لدى فقد الكَلا +++ ترعى الهشيم منه بل ورَكَّلاَ
كما قال الوالد حفظه الله في نظم الأصول.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.