أبي : (شوال ) يشهد لك

أربعاء, 04/05/2022 - 14:15

 

أبي :

 

حين أطل شهر شوال ، بدأت أسترجع شريط الذكريات و أستحضر حبل الوصل المتين بينك وبين رمضان وشوال ..

بدأت أشعر في حلقي عطشك الى رمضان وتلهفك الى شوال ..

يمر أمامي الشريط بكل، تفاصيله الدقيقة ، وفيه أراك :

أنت أنت يا أبي بلهفتك وحرقتك الشديدة ، شوقا الى رمضان..

تتهلل أساريرك فرحا حين يطل هذا الشهر المبارك ..

تبشرنا بنفحاته و تقسم الصدقات قربة بحلوله و تتوشح بوشاح الفرح والسعادة وأنت تستقبله ..

 

أراك ...حين يعلن رمضان ظعونه وتوشك أيامه المعدودات على الرحيل ، تحزن كثيرا لفراقه وأنت تقول - وفي صدرك هم ووجع عميق - :( الخاطر عاد إمصيفط يواجعه )..

 

غير أنك (يا أبتاه ) سرعان ماتلملم وجع الفراق وحسرة الرحيل ، حين تذكر الهدية القادمة : ( شوال )..

 

(شوال ) يا أبتاه شهر تحبه ويحبك..

(رمضان ) يا أبتاه شهر تحبه ويحبك..

 

ومنذ أن بدأت أدرك الأشياء لم أشاهدك يا أبي - ولله الحمد -إلا وأنت تصوم رمضان وتتبعه دون إنقطاع ، وبعد يوم الفطر مباشرة ، ستا من شوال ، إمتثالا لسنة خير البرية صلى الله عليه وسلم القائل َ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ».

 

أبي :

 

لاخوف عليك وأنت الصائم القائم ، الذي لايخرج من صوم الى ودخل في آخر ..

 

تصوم رمضان وتتبعه شوال و تصوم من كل أسبوع الإثنين والثلاثاء ،في زيادة قرب من الله وتمتع برضاه ومحبته ،مستحضرا في ذلك قول الصادق المصدوق عليه السلام: «ما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها»..

 

ولأنك من ( الصائمين ) و (َالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا ) ، إختارك الله الى جواره في الشهر الذي أحببت و على الصفة التي لازمتك ، حيث توفاك الله صائما في أفضل شهوره :( شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهدى والفرقان ) .

 

أبي :

 

لن أجزع عليك ، وقد لقيت ربك وأنت صائم وللصائم فرحتان : فرحة حين يفطر ، وفرحة حين يلقى ربه ...

 

أبي :

 

لن أجزع عليك وآخر مانطقت به الشهادة ، وفي الحديث الصحيح عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.

 

أبي :

 

لن أجزع عليك وآخر ما أبصرت عيناك من الدنيا ( المسجد ) وأنت ساجد تصلي صلاة الجمعة في خير يوم طلعت فيه الشمس ، وفي المكان الذي تعلق به قلبك وكرست شبابك وشيبتك في خدمته ورعاية المصلين به وعمارته ، قال تعالى : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ).

 

لقد إختارك الله الى جواره ، أياما معدودات قبل أن تغادر الى الديار المقدسة، لتجاور خاتَم الأنبياء والرسُل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة رفقة شقيقتك التي تتواجد هناك وكانت في إنتظار التحاقك بها قبل أن يقضي الله أمرًا كان مفعولا .

 

أبي :

 

رحمك الله ورضي عنك وأرضاك بقدر ماكنت رحيما بنا وبالفقراء،

 

أبي :

 

رحمك الله ورضي عنك وأرضاك بقدر ماكنت مقرأ للقرآن، ناهياً عن المنكر، عارفا بحدود الله ، وشديدا في خشية الله والخوف منه ..

 

أبي :

 

رحمك الله ورضي عنك وأرضاك بقدر ماكنت تقوم من الليل وتصوم من النهار..

 

لقد علمت وربيت و نصحت و أرشدت ورعيت وكنت القدوة في سمتك وشيمك وخلالك وشمائلك وأخلاقك..

 

اللهم يا أرحم الراحمين يامجيب السائلين ،إن أبي قد أدّى أمانتهُ وأحسن إلي فطيّب في الجنان مقامَه وأجعله ممن رضيت عليه وأرضيته ..

 

اللهم إنه قد إنقطع عمله وأنت أمله وهو في كفالتك وفى ضيافتك وأنت أهل الجود والكرم، اللهم أجره من عذاب النار وعذاب القبر ..

 

اللهم أرحم روحه النقية ونفسه الزكية رحمةً تسع السموات والأرض وما بينهما، وأجعل قبره في نور دائم لا ينقطع وأجعله في جنتك آمنا مطمئنا وجميع موتى المسلمين ..

 

*كلما مررتم هنا:

إجعلو لأبي من دعائكم