الامة العربية تفقد رمزها الثقافي العظيم الشاعر الكبير عبد العزيز سعود البابطين بقلم : الأستاذ الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى
فقدت الأمة العربية والثقافة العربية، واللغة العربية اليوم الجمعة واحدا من أبرز رجالها ورموزها المخلصين الصادقين الأخيار خلال العصر الحديث هو الشاعر الكبير ورجل الأعمال الكويتي المعروف بأعماله الخيرة المرحوم بإذن الله تعالى عبد العزيز سعود البابطين الذي يرجع اليه الفضل في إنقاذ الشعر العربي وانتشاله من الضياع من خلال جمعه، وتوثيقه، ونشره في معاجم ضمت آلاف الشعراء عبر القرون من كل أصقاع الوطن العربي وشتى أنحاء العالم عبر مؤسسة البابطين الثقافية وجوائزها التي كرمت الشعراء ونقاد الأدب وشجعتهم دون كلل أو ملل أو منة طوال العقود الزمنية الأربعة الأخيرة.
كما أقام على حسابه الخاص كراسي علمية في عدد كبير من جامعات ومعاهد أوروبا وأمريكا وآسيا، وإفريقيا لتعليم اللغة العربية والتعريف بالدور العظيم للحضارة العربية الإسلامية في خدمة الإنسانية، ونشر قيم الخير والتسامح، حيث استفاد من هذه الأقسام العلمية آلاف الطلاب المستعربين، والمهتمين باللغة العربية، وتكوين صورة صحيحة عن الحضارة العربية والإسلامية من شتى قارات العالم.
ولست هنا بصدد تعداد مآثر الراحل العظيم فلابد لها من مجلدات دون مبالغة، ولكنني أذكر فقط بدوره العظيم في إنقاذ كثير من الشعر الموريتاني من الضياع سواء خلال الحقبة القديمة أو الحديثة، وكان لي الشرف مع غيري من نخبة باحثي هذه البلاد ونقادها وشعرائها أن أسهمت إسهاما متواضعا في هذا المجهود الأدبي الجاد والصادق طوال ازيد من عقد من الزمن من خلال التعاون المخلص مع مؤسسة جائزة البابطين الثقافية حيث تم القيام بالبحث عن هذه الذخائر الشعرية الموريتانية القديمة والحديثة وتحقيقها والترجمة لشعرائها إستنادا الى المصادر الصحيحة الدقيقة المخطوطة والمطبوعة وحتى المروية من طرف الرواة الثقات، فكانت الحصيلة هي الترجمة لمئات من الشعراء لم تتم الترجمة لهم سابقا ولم ينشر لهم شعر قبل معاجم البابطين الشعرية بمختلف عصورها واصدارات مؤسسته الثقافية المختلفة، وكان لي الشرف ان نوه الأستاذ المرحوم عبد العزيز سعود البابطين بهذه الجهود المتواضعة خلال زيارتي لدولة الكويت الشقيقة والعزيزة بمناسبة احتفالية مؤسسة البابطين للإبداع الشعري بصدور واحد من اضخم مشروعاتها هو معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين.
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يتقبل ما ذكرناه من فضائله وهو غيض من فيض ومالم نذكر وهو الأكثر ويثيبه عليه بالأجر الجزيل وان ينزله جنات عدن مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا.
و اخلص التعازي لأسرته الكريمة وللشعب الكويتي الشقيق والأمة العربية والإسلامية، والإنسانية جمعاء،
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
بقلم ا.د.محمد الحسن محمد المصطفي
استاذ في كلية الآداب
جامعة نواكشوط