غزوة بدرٍ الكبرى تلك الغزوة التي وقعت في السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة،
وكان سببها قدوم قافلة قريش التجارية من الشام بقيادة أبو سفيان بن حرب، وكانت هذه القافلة قد أفلتت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عند خروجها من مكة إلى الشام، وكانت القافلة مكونةً من ألف بعيرٍ، وكان مال القافلة خمسين ألف دينار، وعدد رجال القافلة نحو ثلاثون وقيل أربعون رجلاً.
ولمّا سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- برجوع قافلة قريشٍ من الشام، استنفر إليها أصحابه رضي الله عنهم، وقال: هذه عير قريش فاخرجوا إليها لعلّ الله أن ينفلكموها -أي تكون لكم غنيمة-، فاستجاب بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك،
العدد :
المسلمين 313 رجلا .
وكان عدد الأنصار في الجيش مئتان وأربعون ونيِّف، والباقون من المهاجرين.
وكان عتاد المسلمين؛ فرسين، وسبعون بعيراً يتناوبون في الركوب عليها، وحامل اللواء مصعب بن عمير
سار النبي -صلى الله عليه وسلم- بأصحابه حتى نزل أوّل ماء بدر، وفي الصباح ، أقبلت قريش بجيشها، واصطفّ الفريقان، وعدّل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصفوف، ثم عاد إلى عريشه، ومعه أبو بكرٍ الصديق، ثم خرج عتبة وشيبة ابنا الربيعة، والوليد بن عتبة يطلبون المبارزة، فخرج إليهم عليُّ بن أبي طالب، وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث، فقتل عليٌّ الوليد بن عتبة، وقتل حمزة عتبة، وقيل: قتل حمزة شيبة، واقتتل عبيدة بن الحارث وعتبة فضرب كلٌ منهما الآخر ضربة، وكرَّ عليٌّ وحمزة على عتبة بن الربيعة فقتلاه، ثم احتملا عبيدة بن الحارث، وقد قُطعت ساقه، ثم توفيَّ -رحمه الله- بعد ذلك ، ثم التحم الجيشان بعد ذلك، واشتدّ القتال، وحمي الوطيس، وأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يدعو ويبتهل، ويسأل الله النصر؛ حتى أخذت النبي -صلى الله عليه وسلم- غفوة، وأصاب القوم النعاس وهم في الحرب، ثم استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أبشر يا أبا بكر، هذا جبريل على ثناياه النقع، فجاء النصر من عند الله، وأنزل الله تعالى جنوده من الملائكة، وأيّد الله رسوله والمؤمنين، ومنحهم أكتاف المشركين.
النتائج :
فقتلوا من المشركين سبعين، وأسروا منهم سبعين.
واستُشهد من المسلمين في غزوة بدر أربعة عشر صحابياً، وهم: عبيدة بن الحارث بن المطلب، عمير بن أبي وقاص، وذو الشمالين بن عبد عمرو بن نضلة، وعاقل بن البكير، ومهجع مولى عمر بن الخطاب، وصفوان بن بيضاء، وسعد بن خيثمة، ومبشر بن عبد المنذر، ويزيد بن الحارث، وعمير بن الحُمام، ورافع بن المعلَّى، وحارثة بن سراقة بن الحارث، وعوف ومُعوِّذ ابنا الحارث بن رفاعة .
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: يا رسول الله هؤلاء قد كذّبوك، وقاتلوك، وأخرجوك؛ فاقتلهم، فهم أئمة الكفر، وروؤس الضلال، ووافق عمر بن الخطاب جماعة من الصحابة، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: يا رسول الله، هؤلاء أهلك، وقومك، وقد مكّنك الله منهم، وأعطاك النصر عليهم، وإني أرى أن تأخذ الفدية منهم، فيكون ما أخذنا منهم قوّة لنا في قتال المشركين، وعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام، ووافق أبو بكرٍ الصديق جماعة من الصحابة.[٧] ثم أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برأي أبي بكرٍ الصديق، وقبِل الفداء من الأسرى، فنزل قول الله -تعالى- موافقاً لرأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فقال الله تعالى: (ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكونَ لَهُ أَسرى حَتّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُريدونَ عَرَضَ الدُّنيا وَاللَّـهُ يُريدُ الآخِرَةَ وَاللَّـهُ عَزيزٌ حَكيمٌ* لَولا كِتابٌ مِنَ اللَّـهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فيما أَخَذتُم عَذابٌ عَظيمٌ).