آبار البهناويين الدكتور : الصوفي محمد الأمين

أربعاء, 20/04/2022 - 20:11

 

 

 

إنياركن و تنديجنان وباخ وانيلفه وتجبرن والمگفي وانبيكت اجمال والمنبع وابلگدور وتندكسمي الجنوبية، كل هذه الآبار وغيرها من آبارالبهناويين تقع شمال مقاطعة المذرذرة، كما أنها تقع في خط الوسط من إيگيدي . 

تذكرت أوطاني ديار الملازم ~~ ودارا لنا بالغِلْفَ حول الغنائم 

ودارا بتندكسمِّ دار سرورنا ~~ وبالمنبع الميمون دار المكارم. 

بين هذه المرابع كانت تتنقل أحياء البهناويين المعروفة في المنطقة بالعلم والورع والصلاح، وفي أحد أيامها المباركة رزقت أسرة من أسرها الميمونة يوم الثلاثاء 18 من ذي القعدة 1371هـ (1950م) بطفل مبارك سمي محمد الصوفي ولد محمد الأمين ولد محمدُ ولد المنجي ولد حبيب الله ولد المختارُ ولد محمد فدّل ولد أحمد ولد هنض ولد يدمسّ (خامس الخمسة المشكلين لحلف تشمشة). 

جلس يدمس مع الشيخين ~~ وهكذا سعادة الدارين. 

لأمه العالمة العاملة مريم بنت محمد عبد الله ولد محمذن ولد أحمد ولد الصوفي؛ وهي بنت عم أبيه. 

حفظ القرآن وهو صغير السن على يدها، وكانت تكتب له في لوحه عندما يذهب مع رجال الحي إلى البئر، كما أنها لم تكن تدرسه بحضور أحد علماء حيهم، وهي العالمة الجلية. علها فضلت أن يكون أخذ ابنها للعلم من أفواه الرجال. 

أرسلته وهو صغير جدا إلى محظرة أهل ألما ودرس بها فترة طويلة كما درس في محاظر أهل المحبوبي وأهل العاقل. 

وصل انواكشوط سنة 1973م وقدم ملفين في نفس السنة؛ أحدهما لمسابقة دخول السنة الأولى إعدادية، والثاني لامتحان ختم الدروس الإعدادية، فنجح في الامتحانين متفوقا والتحق بالثانوية الوطنية فقضى بها ثلاث سنوات لينال شهادة باكلوريا الآداب الأصلية سنة 1976م. وفي نفس السنة تم استحداث إدارة الشؤون الإسلامية فالتحق الصوفي بها محررا إداريا، وفي نفس الفترة كان رئيس تحرير مجلة البرهان التي كانت تصدرها وزارة الشؤون الإسلامية، كما أنه كان يقدم برامج دينية في الإذاعة الوطنية. 

في سنة 1980م أنشئ المعهد العالي للدارسات والبحوث الإسلامية فالتحق به محمد الصوفي ليدرس به سنة دراسية واحدة، ونتيجة لتفوقه سمح له بالتسجيل في جامعات السعودية ليتخرج منها سنة 1984م، وبعد تخرجه عين قاضيا فرفض ذلك وغير تخصصه ليبتعد عن مجال القضاء نهائيا. 

يقول هو في أحد كتبه: "وكنت ممن فر منه من غير العلماء حيث إن وزارة العدل والشؤون الإسلامية منحتني في قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية بجامعة الرياض ولما تخرجت عينت قاضيا ورفضت وغيرت التخصص فواصلت الدراسات العليا في قسم الإدارة المدرسية". وما ذلك إلا تواضع منه ونكران لذاته؛ فهو أهل للقضاء والتدريس. 

نال شهادة الماجستير في علوم التربية (الإدارة المدرسية والإشراف التربوي) من جامعة الملك سعود بالرياض سنة 1986م. ودرجة الدكتوراه في التربية العامة من جامعات السعودية. 

عين أستاذا للتعليم العالي بالمدرسة العليا لتكوين الأساتذة والمفتشين 1987م مكلفا بتدريس التربية العامة، كما شغل منصب رئيس قسم علوم التربية في المؤسسة ذاتها، وكان عضوا في عدة جمعيات: 

- رابطة حفاظ القرآن الكريم في موريتانيا 

- رابطة العلماء الموريتانيين 

- الاتحاد الوطني للائمة في موريتانيا. 

يعتبر الصوفي أحد الباحثين الكبار في موريتانيا، وقد ناهزت مؤلفاته الثلاثين، ونذكر منها 

- المسجد والوظائف التي بني من أجلها 

- من أعلام التاريخ (تراجم الأعلام التي حدد وفاتها العلامة محمد سالم ولد المحبوبي) 

- دراسة في التربية المقارنة 

- تاريخ القواعد الفقهية. 

هذا بالإضافة إلى بحوث أخرى في الدراسات الإسلامية والتربية العامة. 

نال الصوفي الكثير من الأوسمة في السعودية، كما تم تكريمه من طرف المدرسة الوطنية للأساتذة سنة 2000م. 

أحب محمد الصوفي مدينته (المذرذرة) وتواضع في نفسه فارتفع عند غيره وأحبه سكان مقاطعته. 

ويرى الصوفي أن اللين في القوة الرائعة أقوى من القوة نفسها، لأنه يظهر لك موضع الرحمة فيها، وأن التواضع في الجمال أحسن من الجمال، لأنه ينفي الغرور عنه، وأن كل شيء من القوة لا مكان فيه لشيء من الرحمة فهو ممّا وضع الله على الناس من قوانين الهلاك. 

كان حال الصوفي يشبه السنبلة كلما كبرت انحنت، مثل العالم المتعمق يتواضع وينحني لبسطاء الناس. 

ويرى الصوفي أن من واجب من تربى في المذرذرة أن يعمل ليلاً ونهاراً ليرفع من مستواها ومستوى ساكنتها، ومن خلال ذلك سياسهم في رفع مستوى أمته كلها، كما أنه لا يحب المواطن الذي ينال شهاداته ويستلم منصبه ثم يجلس دون فعل شيء لمقاطعته التي قدمت له الغالي والنفيس. 

لسان حال الصوفي يقول: 

ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخراً له ~~ فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ 

ومن لم يَبِن في قومهِ ناصحا لهم ~~ فما هو إِلّا خائنٌ يتسترُ 

ومن كانَ في أوطانهِ حاميا لها~~ فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ 

ومن لم يكن من دونِ أوطانهِ حِمًى~~ فذ