عرفت الراحل الشيخ منّ ولد عبدي، و أنا أدرج مدارج الصبا البريء.. كانت المرة الأولى التي أراه فيها في حفل أقامه خالي محمد النذير انياس لتدشين مجمعه المدرسي في تفرغ زينه "منار الهدى"، و كان ولد عبدي حينها مديراً للخزينة العامة.. كان رجلا مهيب الطلعة، قوي البنية، صارم القسمات، من رآه بديهة أحبه و هابه.. فلم يكن حلواً فيبلع، و لا مُراً فيدفع.. بعدها، كنت أراه كثيراً.. و قد سافرت معه بداية التسعينات من كولخ لنواكشوط رفقة الشيخ أحمدُ ولد الشيخان حفظه الله، في سيارة بيجو يقودها أحمدُ، سفراً طوته أحاديث الرجلين التي كانت غذاءً نافعاً للروح و العقل.
كان الشيخ منّ ولد عبدي صوفيا صادقا، ترقى مراتب الرجال و تدرج سلالم الكمال، حيث كان ألصق و أقرب المريدين بالشيخ حسن على سيس رضي الله عنه (و الغريب أن الشيخ حسن توفي 14 أغسطس و الشيخ منّ يتوفى اليوم 15 أغسطس).
لا أتذكر أنني رأيت منّ إلا مصليا فرضه أو ذاكراً ربه أو تالياً قرءانه، أو ساعيا فيما ينفع الناس.. و كان مضرب المثل في الكفاءة و الاستقامة المهنية و نظافة الكف.
اللهم ارحم منّ ولد عبدي برحمتك الواسعة، و الحقه بالصالحين من عبادك، واخلفه في أهله، إنك ولي ذلك و القادر عليه.
و إن في الله خلفاً من كل سلف و عوضاً عن كل تلف و عزاءً في كل مصاب.
إنا لله و إنا إليه راجعون
من صفحة الكاتب الكبير حنفي دهاه