عكس للحضور المكثف للقادة الأفريقية لوقائع منتدى التعاون الصيني الافريقي للتعاون ماو صلت إليه حميمية العلاقة بين الصين وافريقيا ، والثقة الكبيرة التي باتت تميز وتطبع هذه العلاقة في شتى المجالات التنموية والاقتصادية والاستراتيجية....
لقد استطاعت هذه القمة أن تكشف من جهة أخرى جدية الصين وعزمها على مرافقة الدول الأفريقية في مسارها التنموي ، ومشاركتها أسرار وخبايا نهضة "التنين " الذي اصبح اليوم القوة الاقتصادية العالمية الثانية ، والشريك الاقتصادي الثاني الأكبر للقارة ، والداعم الكبير لمشاريع التنمية في دول القارة الصديقة ، ورفاق درب الصين في حركات التحرر ، قبل عقود ....
اليوم يجتمع أكبر حجم من القادة الأفارقة تحت سقف واحد ووجها لوجه مع الرئيس الصيني شي جينغ بينغ للاستماع الى رؤية الصين لمفهوم الشراكة التي تتبناها وتعتمدها مع دول القارة، وهي شراكة تبادل المنافع والاستفادة من الفرص المتاحة ، وتثمين المقدرات الاقتصادية والتنموية في كلا الطرفين ، واكثر من ذلك ، الشراكة التي يدعم فيها الطرف الاقوى الطرف الاضعف بالمال السخي وتخفيف شروط وأعباء القروض !!!
لقد كشف الرئيس الصينى شى جين بينج خلال افتتاحة لاعمال منتدى التعاون الصيني الافريقي ، امام قادة وممثلي ثلاثة وخمسين دولة إفريقية، اعتزام بلاده تقديم دعم مالى لدول قارة إفريقيا بقيمة إجمالية تبلغ 60 مليار دولار، بينها 15 مليار دولار فى هيئة مساعدات مجانية وقروض بدون فوائد.
وأوضح شى جين بينج أن الدعم سيتم تقديمه عبر ثمانى مبادرات رئيسية للتعاون المشترك خلال السنوات الثلاث المقبلة وتركز على قطاعات أساسية من بينها دعم الصناعات وتطوير البنية التحتية وتسهيل المعاملات التجارية، فضلا عن تنمية قطاع الاقتصاديات الصديقة للبيئة.
وأكد الرئيس الصينى خلال كلمته أنه فيما يتعلق بدعم قطاع الصناعات، فإن المبادرات المشتركة سوف تتضمن إقامة معرض التجارة والاقتصاد الصيني- الإفريقى فى بكين، فضلا عن تشجيع الشركات الصينية على زيادة معدلات استثماراتها فى القطاعات الإفريقية المختلفة.
وكشف شى جين بينج عن إشراف الصين على 50 برنامجا للدعم الزراعى وإرسالها 500 خبير فى هذا المجال إلى عدد من الدول الإفريقية، بالإضافة إلى تخصيص بكين مبلغ مليار يوان (ما يوازى 147 مليون دولار أمريكي) لدعم الدول الإفريقية المتضررة جراء الكوارث الطبيعية.
وفيما يتعلق بمجال البنية التحتية، أوضح الرئيس الصينى أن الجهات الصينية المعنية سوف تضع خطة مع الاتحاد الإفريقى للتعاون فى تطوير البنية التحتية للقارة، مع الاتفاق على منح الشركات الصينية دورا أكبر فى مشروعات تحديث ومد البنية التحتية، وذلك عبر أى نموذج مقترح للأعمال سواء بالاستثمار أو المساهمة فى عمليات الإنشاء والتنفيذ أو تولى مسئولية إدارة وصيانة المشروعات التى يتم تنفيذها بالفعل.
وحول المعاملات التجارية مستقبلا ما بين الجانبين، كشف شى جين بينج عن اعتزام الصين السماح بزيادة حجم الواردات الإفريقية، وتجاوز الواردات التقليدية من الموارد الطبيعية إلى التركيز على المنتجات المصنعة، وتشجيع الدول الإفريقية على المشاركة فى معرض الصين للواردات الدولية، مع استثناء بعض الدول الإفريقية التى تعانى من الناحية الاقتصادية من دفع رسوم المشاركة فى المعرض.
وعكس حضور بلادنا المتميز في هذا المنتدى وتصدرها للكلمة فيه ، ما اصبحت تحظى به أهمية على الصعيدالاقليمي والدولي ، ومكانتها البارزة في مسرح الأحداث على الخارطة الدولية..
وتشمل مبادرات الصين بخصوص الاقتصاديات الصديقة للبيئة، إرساء 50 مشروعا لتطوير سبل حماية البيئة، بالتركيز على قضايا التغير المناخى ومكافحة التصحر وحماية المناطق البرية.
وفيما يتعلق لمشروع الصين العملاق الذي دخل مراحل متقدمة ، أكد شي جين بينغ أن مبادرة الحزام والطريق ليست مشروعا صينيا فحسب ،بل هو مشروع عالمي ،يتوخي بالدرجة الأساس على مد خطوط التنمية والمنافع وإشاعة المصلحة المشتركة بين جميع الدول الواقعة في مساره...مضيفا أن القادرة الأفريقية لها نصيبها الوافر ضمن نظرية هذه المبادرة التاريخية..
وقد كان لبلادنا حضورها المتميز في هذالحدث الدولي الهام ، حيث القى رئيس الجمهورية السيد محمد ولدعبد العزيز كلمة شمال في إفريقيا في افتتاح أشغال الحوار رفيع المستوى بين قادة إفريقيا والصين وممثلي عالم الأعمال في المنطقتين في إطار القمة الثالثة لمنتدى التعاون لإفريقيا والصين .
واستعرض رئيس الجمهورية خلال كلمته خصائص منطقة شمال إفريقيا ومقدراتها، مؤكدا استعدادها لتعزيز شراكة مثمرة مع الصين خدمة لشعوب المنطقتين الإفريقية والصينية.
انتهت اذن فعاليات منتدى التعاون الصيني الافريقي التي دامت أسبوعا كاملا ، شهد التوقيع على حزمة من مشاربع التعاون بين الصين ودول القارة ، وعرف قصر الشعب الصيني خلال الاسبوع المنصرم ديناميكية لم يعهدها من قبل سواء اتعلق الامر بايقاع توافد قادة دول القارة ، أم في حجم وعدد الاتفاقيات الهامة الموقع عليها..
الصين اذن ، والقارة الأفريقية تدشنان مرحلة جديدة من التعاون المثمر والبناء ، وترسمان لوحة زاهية لمستقبل مشرق بين الطرفين ،يقوم على اساس الاحترام المتبادل ، وتثمين المقدرات ، والالتزام بالحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر..
بقلم الاعلامي الموريتاني احمدو اندهمر
بيجين/ الصين