أدى العلامة البارز المعروف الشيخ محمد الحسن بن أحمدو الخديم مساء الخميس الماضي زيارة للمرابط محنض بابه بن امين في الدوشلية، التي وصل إليها بعد صلاة العصر رفقة ابنيه: عبد الرحمن والتاه، ورفيقين مع الشيخ.
وحسب مصدر حضر اللقاء فإن الشيخ محمد الحسن أحمدو الخديم نزل من السيارة المكيفة حينما حضر المرابط إلى المكان المخصص لاستقبال الزوار، فقام إليه المرابط محنض بابه وسلم عليه، وأجلسه. وأول ما قال له: العريش الجنوبي الشرقي الذي سبق أن جئتك فيه -يعني عند المرابط محمد سالم بن ألما في تندگسمي- كم أمضيتم في تلك الدار؟ قال له: أمضينا فيه أشهرا ، فجعل المرابط محنض بابه يستذكر ذلك العهد على وجه الاعتبار.
ثم رجع إلى الشيخ محمد الحسن فأثنى على جهوده العلمية، وعلى تآليفه، ثم سأله: على من درست؟ فقال الشيخ محمد الحسن: درست على سيدي أحمد بن أحمد يحيى اليعقوبي الإيدودامي، وعلى محمد عالي بن نعمه المجلسي، فقاطعه المرابط قائلا: ذلك من تلامذة اباه (أي يحظيه بن عبد الودود)، فقال: نعم. ودرست أيضا على المختار بن ابلول الحاجي، فقال له: أين لقيته؟ قال: درست عليه في ثلاث فترات متفاوتة: الأولى عند أفجار، والثانية عند النمجاط، حينما كان الناس أهل ظعن، والفترة الثالثة عند المبروك.
ثم سأله عن محمدن بن امون، وقال: أنا أيام كنت في تندگسمي لم أكن متآلفا إلا مع محمدن بن امون.. كان ابن امون في تلك الفترة يدرس الإجارة من الشيخ خليل فقال لي مرة: هل هناك بأس في دراسة هذا؟ فقال له المرابط محنض بابه: من يريد أن يكون مثل عبد الله بن المبارك لا يحتاج إلى دراسة هذا الباب. وقال المرابط متحدثا عن نفسه للشيخ محمد الحسن: "هذا ألا اتبهليل" هذا عين السذاجة.. عبد الله بن المبارك لا يمكن التشبه به ولا الاقتراب من مقامه. عبد الله بن المبارك الذي حج مرة واستأجر بغالا، ولما جاء إلى مكة اشترى بها كتبا زنتها كيلوغرام توضع في جلود ولم يحملها حتى استأذن أهل البغال في حملها عليها، مضيفا أنه أخبره محمد يحظيه بن أوفى أن أحدا قال - لعله المرابط ابن ألما- إن محنض بابه بن امين يذكره بما ينقله أهل الكتب عن السلف، إلا أن هذا ليس هو منهج أهل هذه الأرض إشارة إلى ما كان المرابط محنض بابه يقوم به من مجاهدة وسهر وقلة غذاء.
ثم تحدث المرابط عن الألوسي مخاطبا الشيخ محمد الحسن: تعرف ذلك الرجل؟ رأيتك كثير العزو له، عندي كتبه وأثنى عليه بما هو أهله.
من جهته فال الشيخ محمد الحسن للمرابط: أنا أحيانا أتمنى أن أنظم أنظاما تماثل أنظامك حسنا، عندها تدخل ابنه عبد الرحمن فقال: إن الشيخ محمد الحسن معجب بأنظامك ويستحسنها غاية، فرد المرابط على عبد الرحمن بقوله: الشيخ محمد الحسن ليس من أهل الحسد وأنا قد أكون أنظم أو أحاول أن أنظم، فقال الشيخ محمد الحسن: فعلا أحيانا أتمنى أن أنظم أنظاما مثل أنظامك، فقال له المرابط: تلك ليست هي العبارة، العبارة أنك أنت لا تحسد، وأنا أحيانا أنظم.
بعد ذلك قال المرابط للشيخ محمد الحسن: أنت نشأت في التعلم واليعقوبيون ترد إليهم الدلاء في العلم، ثم سأله: أنت أحيانا تنظم الشعر الحساني، فقال له ابنه عبد الرحمن: نعم. فقال أنشدني بعض شعر الشيخ محمد الحسن الحساني، فأنشده:
((أگفل جوالك لا تشغل تو اصلانك عنه بالك رانك تفتح گبل اتعدل تسبيح اصلاتك جوالك))
وأنشده:
((يل متنهول تارك كول العلم وامخالف الاگوال لعاد الا من عزت هول مزالو گدامك الاهوال))
وأنشده:
بالسياس ليد امدلي نگدر نمشي ما هو بالشح مان مترشح وامل مان زاد الحد امرشح)).
وقال الشيخ محمد الحسن للمرابط محنض بابه إن أول شيء يستفيده في التصوف نظم للمرابط فيه تلقاه حينما كان في التلاميذ بتندگسمي، فرد عليه المرابط بأن التلاميذ تداولوا ذلك النظم عن غير إذنه، ولما أحس المرابط ولد ألما بذلك قال له بأن يترك التلاميذ يستفيدون من ذلك النظم.
وأثنى المرابط محنض بابه خلال حديثه مع الشيخ محمد الحسن على الشيخ اباه بن عبد الله وعلى تآليفه، كما سأل الشيخ محمد الحسن خلال الحديث عن عبد الرحمن المرافق له، فرد عليه بلغة ديمانية: عبد الرحمن هو القائم بشؤون التلاميذ، ففهم المرابط أنه ابنه، ثم سأله عن التاه المرافق لهما؟ فقال له الشيخ محمد الحسن بلغته الديمانية: التاه أخو عبد الرحمن.
ثم فقال المرابط محنض بابه: إنه لن يصافح بيده أحدا من الحاضرين بعد الشيخ محمد الحسن بقية يومه هذا. واختتم الشيخان لقاءهما بالدعاء بعد أن قال الشيخ محمد الحسن للمرابط محنض بابه: إنه اختار يوم عاشوراء لزيارته لخصوصية هذا اليوم، وإنه جاءه زائرا للسعادة الأبدية التي لا شقاء بعدها، فدعا له المرابط ثم ودعه.
فازدحم تلامذة لمرابط على الشيخ محمد الحسن يلتمسون بركته فدعا لهم وانشد فيهم :
((وعلقة حاصلة بتابع
كعلقة بنفس الاسم الواقع)).
المصدر: صحيفة مراسلون