شاءت الأقدار أن أجتمع بشخص يدعي الإلحاد - أعاذني الله وإياكم - كان ذلك عبر مجموعة وتسبية والموضوع الحرية وبالتحديد "حرية المعتقد" . بعد أزيد من 6 ساعات من النقاش اقترح البعض أن يتم تغير الموضوع بحجة أننا لم نصل إلى هدف معين فكتبت للجماعة بالملاحظة التالية: "أنبه فقط على أننا لم نتوصل مع الطرف الآخر إلى الاتفاق على معنى الحرية والتي هي الجزء الأول من مركبنا الإضافي "حرية المعتقد"فقد حاول "س" أن يعطي تعريفا للحرية فقال: إنها إرادة الفرد لأمر ما.... حسب تعبيره. ولما سألته عن ماذا يعني بالإرادة تبين لي أنه يجهل معناها وقد أربكه ذلك. فله أقول أرجع إلى نظرية الإرادة يبدو أنك لم تحظ بدرسها أما أنا فقد حظيت بذلك. ففي سنة 1985 شرحها لي أستاذي المغربي "أزاكي بادو". فمما درسَنا نظرية (دافيد يوم) الألماني التي يقول فيها:" إن كان بمسوغ كل فرد أن يمتلك الإرادة فهذا يعني أنه بمقدور الفرد اختيار ما يريد وما لا يريد أن يفعله". ومع أنه شكك -أي دافيد يوم- بقوله "بمسوغ" فقد قال:" ويمكن القول إن كل فرد من أفراد البشرية توجد بداخله تلك الإرادة دون الحيوانات". وهنا نلاحظ أنه قال"بالإمكان" فما المقصود بالإمكان أهو الإمكان الخاص أم الإمكان العام؟ وبينهما فرق كبير. ويضيف "دافيد يوم " :"إن حرية الإرادة لا تعني الحرية المطلقة في عمل شيء وإنما تقيدها المسؤولية اتجاه الآخرين". وقد حاولت أن أبين للسيد "س " ما قاله الشاطبي وتقسيمه للأفعال من حيث افتقارها إلى الإرادة التي هي قصد الفعل عندها كاد أن ينفجر حتى أنه أقسم بالله(انت عالملان أل واعر امعاك لكلام). وكما تلاحظون فهذه فلتة لسانية تكذب صاحبها فهو مادام لا يعتقد وجود الله فكيف يقسم به؟ لم يستطع أن يتحمل كلام الشاطبي بل أقسم إن الحديث معي صعب. بعدها تدخل "ص' متظاهرا وكأنه من أهل القرآن وأراد حجاجي بآية قرآنية وهذا نوع من المغالطة فهل أنا من السذاجة أو من الجهل بمكانة تجعني أسلم بأن "صادا"يعلم تأويل كلام ربي؟ لاسيما متشابهه الذي يقول : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ۗ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ )7 . وهكذا فقد لاحظت أن المحاورين بعيدين كل البعد عن مجال المعرفة وأنهم لا يتقيدون بشيء لا بمناهج الجدل ولا بأدبيات الحوار الهادف وأنه ليست لهم أية مقدرة على المناظرة العلمية؛ فكل ما يمكنهم فعله هو محاولة التشويش . بعد أن يئسوا من المغالطة أصبحوا يطالبونني بأن أقول لهم كذا وكذا وأن اعتبرهم طلابا وكلكم يعرف الفرق بين الطالب الذي هدفه العلم والمعاند الذي هدفه التكذيب وطمس الحقيقة. وقد استفدت من المحادثة مع هؤلاء أن من يدعون الإلحاد في بلدنا اليوم، علاوة على جهلهم بالمعلوم من الدين ضرورة فإنهم كذلك يجهلون ما يدعون ؛وهذا حسب قناعتي قسم من أقسام الجهل بل هو أعلاه. اللّهُمَّ ثَبِّتْنِا عَلى دِينِكَ ما أَحْيَيْتَنِا.
من صفحة محمد فال سيديا