قبل عشرين عاما سئل أحمد ولد يحيى إن كانت أحلامه الرياضية سوف تتحقق عند تتويج فريق نواذيبو الصاعد آنذاك بالدوري الموريتاني في ظل تواجد أندية عريقة ومسيطرة على البطولة الوطنية ، فرد على ذلك الكلام بالقول إن سقف احلامه أبعد من ذلك بكثير
تسارعت الاحداث مع تقدم الزمن فتسلق الرجل الشاب رويدا رويدا المناصب الإدارية في الاتحاد الموريتاني لكرة القدم من عضو بسيط إلى مدير للمنتخبات الوطنية ثم رئيسا للاتحاد ، محدثا بذلك ثورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ هذه الهيئة الموريتانية تفوق من خلالها على أحد أبرز رجال الأعمال في البلاد وهو الرئيس الأسبق مولاي عباس الذي كان ينافسه بشراسة على رئاسة اتحاد الكرة 2011
فوز كان بمثابة انطلاق شرارة الثورة الكروية الموريتانية أو الحجر الذي حرك المياه الراكدة في هذه الحقل الهام في البلاد ، وفي تلك الظروف الحلكة أضطر الرئيس الجديد للبداية من تحت الصفر ، لأن المنتخب الوطني موقوف لمدة 4 أعوام من قبل الكاف بسبب الانسحابات المتتالية من المسابقات القارية ، أما الدوري فقد توقف على 9 فرق من أصل 14 متنافسا مقسم على مجموعتين
وبعد 15 شهرا من انتخابه عادت الكرة الموريتانية على جميع الأصعدة حيث انتظم الدوري الممتاز وعاد دوري الدرجة الثانية للدوران ، وجُلب مدرب أجنبي للمنتخب الوطني وتأهل منتخب المحليين إلى أمم أفريقيا لأول مرة في تاريخه ، ثم تواصلت الانجازات إلى أن تحقق حلم التأهل للكان العام الماضي .
لقد عمل ولد يحيى في السنوات 10 الماضية في العديد من اللجنان الرياضية الهامة على المستوى القاري والدولي والعربي من بينها عضوية لجنة اخلاقيات الفيفا أيام كانت تحقق في ملفات الفساد بالهيئة العالمية ، كما تولى رئاسة اللجنة القانونية في الاتحاد الأفريقي فضلا عن عضوية اللجنة التنفيذية للهيئة ذاتها
كل هذه التجارب العملية والخبرات المكتسبة ، والإنجازات الملموسة على أرض الواقع ، جعلت من الرئيس أحمد ولد يحيى أبرز المرشحين لخلافة الملغاشي أحمد أحمد على رئاسة الكاف وقد تكهنت بذلك العديد من وسائل الإعلام الدولية المهتمة بالشأن الأفريقي بناء على عدة عوامل من أبرزها نظافة الرجل من تهم الفساد التي كادت تعصف بالكاف العام الماضي إضافة لعلقاته الدولية الواسعة .
وكما كان متوقعا أعلن ولد يحيى ترشحه لرئاسة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ، وهو الخبر الذي نزل كالنسيم البارد في فصل الصيف على الشارع العربي والأفريقي بشكل عام ، فتصدرت صوره مواقع التواصل الاجتماعي ، واعتبرت الغالبية من المدونين العرب والأفارقة أن الرجل هو الرئيس الذي سيحقق طموحات وآمال أفريقيا كما فعل مع الكرة الموريتانية
إن الكرة الأفريقية تحتاج اليوم لرجل نزيه ومنزه بمواصفات أحمد ولد يحيى ينتشلها من عنق الزجاجة ويعيد لها كبريائها الضائع واستقلاليتها المنتهكة ، وعلى كل الغيورين عليها وعلى مستقبلها ، الوقوف إلى جانبه من اجل الفقز بها حتى تدرك نظيراتها من القارات الأخرى فلا يليق بقارة أنجبت أبرز نجوم الكرة العالمية أن تكون في ذيل الترتيب العالمي
ولا شك أن الأمر قد يكون صعبا في بدايته لكنه ليس مستحيلا لأن ثوار أفريقيا بالأمس القريب هم من أطاح بالكاميروني عيسي حياتو الذي هيمن على رئاسة هذه الهيئة لعدة عقود وهم من جاء بالرئيس الحالي الذي لم يكن على مستوى التطلعات ، وما انتخاب أحمد يحيى الا تصحيح لمسار ثورة بدأت قبل 4 أعوام
المصطفى مامون